مثقفون وناشرون يتساءلون.. «معرض الكتاب» متى يكون؟!

حسن الستري
– معرض الكتاب منصة تبرز دور البحرين كمنارة ثقافية
– فرح ثقافي يلح بالعود.. متى تستعيد البحرين منارتها الثقافية؟
– نداء عاجل من المثقفين والناشرين: المشهد الثقافي بحاجة إلى موعد مع معرض الكتاب
– المثقفون والناشرون بانتظار عودة التظاهرة الأبرز في المملكة
– البحرين بحاجة إلى عرس ثقافي يرسخها على الخارطة الدولية
– الأجيال الجديدة تترقب التعرف على تجربة ثقافية فريدة
– الثقافة البحرينية لا تحتمل المزيد من التأجيل
مع كل نسخة من معرض البحرين الدولي للكتاب، كانت المملكة تثبت مجدداً مكانتها كمنارة ثقافية في المنطقة، وملتقى معرفي يجمع القراء والكتّاب والناشرين من مختلف أنحاء العالم. لكن منذ النسخة الثامنة عشرة عام 2018، والتي كانت فيها المملكة العربية السعودية كضيف شرف بالمعرض، تأثر المشهد الثقافي البحريني بغياب هذه التظاهرة البارزة، حيث لم يُعقد المعرض في أعوامه المنتظمة كل عامين، ما ترك فراغاً واضحاً في حياة القراء والمثقفين على حد سواء.
التأجيل المتكرر للنسخة التاسعة عشرة، التي كان من المقرر انطلاقها في 25 مارس 2020، وأُرجئت أولاً بسبب جائحة كورونا (كوفيد19) ثم لأسباب يشاع بأنها مالية ولوجستية، أثار حفيظة الأدباء والناشرين والنخب الثقافية، لذين عبّروا عن قلقهم العميق حيال توقف هذا الحدث الحيوي. فمن جهة، يُمثل المعرض فرصة للاطلاع على أحدث الإصدارات، والتفاعل مع المؤلفين، وحضور الندوات الثقافية والفكرية التي تثري المشهد المعرفي، ومن جهة أخرى، كان المعرض دائماً منصة لتعزيز الحضور البحريني في خارطة المعارض الدولية للكتاب.
وعلى مدار النسخ السابقة، شهد المعرض مشاركة واسعة من دور نشر محلية وعربية وعالمية، مع استقطاب مئات آلاف الزوار من مختلف الفئات، بما في ذلك الطلاب والأطفال، وتقديم برامج ثقافية متنوعة تتضمن ندوات، أمسيات شعرية، عروضاً فنية وسينمائية، وركناً خاصاً للأطفال، إضافة إلى ركن التوقيع الذي يحتفي بالإصدارات الجديدة، ويمنح المؤلفين فرصة للتواصل المباشر مع جمهورهم.
وقد عبّر عدد من المثقفين والناشرين البحرينيين عن شعورهم بالحزن والأسى لتأجيل المعرض، مؤكدين أنه ليس مجرد حدث تجاري أو موسمي، بل هو حركة ثقافية عميقة تُسهم في توسيع آفاق الفكر والإبداع، وتعزيز الانفتاح على مختلف الإنتاجات الأدبية والفكرية. بعضهم اقترح حلولاً مبتكرة، مثل إقامة معرض افتراضي يتيح للقراء الوصول إلى الكتب بسهولة، بينما رأى آخرون أن المعرض التقليدي يظل ضرورياً للحفاظ على الهوية الثقافية البحرينية وإبراز دورها التاريخي في دعم المعرفة والقراءة.
البحرين حاضنة ثقافية
قالت أمين عام أسرة الأدباء والكتاب د. صفاء العلوي: يُعدّ معرض البحرين الدولي للكتاب من أهم الفعاليات الثقافية في المملكة، ومنصة محورية للتواصل المعرفي والفكري بين القراء والكتّاب والناشرين. وقد دأبت هيئة البحرين للثقافة والآثار على تنظيمه بانتظام كل عامين، إلا أن آخر دورة أُقيمت كانت في عام 2018، ما يعني أن الساحة الثقافية البحرينية مضى عليها قرابة سبع سنوات دون هذا الحدث البارز.
وبينت أن غياب المعرض طوال هذه الفترة ترك أثراً ملحوظاً على الحراك الثقافي، إذ حُرم الجمهور من فرصة الاطلاع المباشر على أحدث الإصدارات، والتفاعل مع المؤلفين، وحضور الندوات والفعاليات المصاحبة التي كانت تثري المشهد الفكري. كما أن هذا الانقطاع حال دون استمرار الحضور البحريني المميّز في خارطة المعارض الدولية للكتاب، وهو الحضور الذي طالما تميزت به المملكة لعقود.
وذكرت أن أصدقاءنا من الناشرين والكتّاب، وكافة النخب الثقافية من داخل البحرين وخارجها، يعبّرون عن تعطّشهم الشديد لعودة هذا الحدث، ويتساءلون باستمرار عن أسباب تأجيله. فمملكة البحرين تُعد من أبرز الحواضن الثقافية في المنطقة، ومنارةً للانفتاح والحوار الحضاري، ومعرض الكتاب الدولي على أرضها كان ولا يزال بوابة مشرّعة للتبادل المعرفي، وتلاقي الأفكار، وتوطيد الصلات بين الثقافات.
ونوهت إلى أن إعادة تنظيم المعرض ليست مسألة احتفالية فحسب، بل هي خطوة استراتيجية ضرورية لإعادة تنشيط الحياة الثقافية، وتعزيز مكانة البحرين كمحور للإبداع والحوار الفكري، ودعم صناعة النشر وتشجيع القراءة، خاصة في ظل التحديات المعرفية والتكنولوجية الراهنة.
التفكير خارج الصندوق
الناقد الأدبي زكريا رضي، قال معلقاً على خبر التأجيل: «بعيداً عن الإجراءات، شعرتُ بأسىً كبير وأنا أتلقى خبر تأجيل معرض الكتاب الدولي، ذلك أنك بالكتاب تحيا وتتنفس، ويكفينا التاريخ العريق لمملكة البحرين مع الكتاب، المجتمع لدينا هنا قارئ بالفطرة، إن لم تجد كتاباً مطبوعاً في البيوت أو المنازل أو الفرجان، فستجد مخطوطاً قديماً خطه ناسخ من النساخ، اصفرّت وبهتت أوراقه، ولم يبهت حبره. وللتو كنتُ أتتبع كلاماً لبعض المتحدثين المحفزين، مفاده إذا أعياك الطريق، فاسلك طريقاً آخر، وجرب طريقة بديلة».
وأضاف: أؤبد فكر القائمين على تنظيم هذا المعرض الدولي بطريقة «التفكير خارج الصندوق»، حسناً منعت التحضيرات اللوجستية والأسباب الفنية من تنظيم معرض الكتاب لهذا العام، لم لا نجرب معرضاً دولياً افتراضياً، لا أظنه سيكون أعلى كلفة، فلتكن الخطة البديلة معرضاً دولياً افتراضياً الدخول إليه عبر رابط إلكتروني، وما إن يدخل الزائر حتى يجد جميع الناشرين في قائمة مدرجة يختار الناشر، ليستقبل العناوين ويختار العناوين التي يرغب. فيها ويتمم عملية الدفع، خيار كهذا صحيح أنه سيفقد عشاق الكتب من رائحة الورق، لكنه سيقدم أهون الضررين إذا استصعبت الطرق، وحالت الموانع من إقامة معرض دولي مباشر للكتاب، ومع ذلك أملي كبير في أن تتاح الفرصة يوماً لتنظيم معرض دولي للكتاب يليق بمملكة البحرين كحاضنة للثقافة والفكر والأدب.
الهدف الأسمى للمعارض
أما الروائي علي إسماعيل، فقد قال: الأمر مؤسف أن تتأجل المعارض الثقافية بسبب عذر مادي في بلد كان سباقاً لنشر الثقافة في محيطه الخليجي والعربي، لقد استبشرنا خيراً ببناء المعرض الجديد في منطقة الصخير، كوننا كنا بالفعل في حاجة لمعرض حديث، ولكن للأسف أن تكون تكلفة إقامة معرض للكتاب المرتبطة بهذا التجديد هي السبب في عدم إقامة هذه المعارض، فهذا ما لم نتوقع حصوله.
وتابع: الغريب أن هناك جهوداً فردية لإقامة معارض للكتاب في بعض مدن البلدان العربية مثل العراق، بينما نحن، كدولة سباقة، نفقد دورنا في المساهمة في نشر الوعي والثقافة في مجتمعنا بسبب تكلفة مالية.
وأضاف: كوني أتعامل مع أكبر دور النشر في الخليج العربي، فإني أعرف رغبة هذه الدور الخليجية وغيرها في حضور معارض البحرين، بل لعلي أزعم بأن الكثير منهم مشتاق لهذه المعارض كما هم البحرينيون أنفسهم لمشاهدة رجوع البحرين لتتبوأ مركزها الثقافي المتقدم بين الدول العربية. وأردف: أنا روائي بحريني، وأحضر الكثير من المعارض الخليجية، وأرى بأن هذه المعارض لها أهداف أكبر من المادة، بل هناك معارض قامت بإرجاع ثمن تأجير الأرضيات لدور النشر عندما قل الإقبال على تلك المعارض. لقد نسينا بأن الهدف الأسمى لإقامة معارض الكتاب هو نشر الوعي والثقافة في البلد، ومتى ما تذكرنا ذلك سنرجع لنقيم هذه المعارض.
المعرض يكمل الحلقة
من جهته، قال الناقد د. فهد حسين: لا شك في أن معارض الكتاب تشكل علامة ثقافية مهمة للبحرين والكتاب والمثقفين على اختلاف توجهاتهم، وهذا حال كل ما يتعلق بالثقافة والفنون والأدب، فنحن بحاجة سنوية إلى مهرجان للعروض المسرحية، وإلى معارض الفنون التشكيلية، وإلى مهرجان سينمائي، وإلى دراما، وبحاجة إلى نشاط ثقافي طوال العام، وهكذا لا تكتمل الحلقة إلا بوجود معارض للكتاب.
وأضاف: من المؤكد أن البحرين حريصة كل الحرص على إقامة كل هذه المهرجانات والمعارض سواء من خلال هيئة البحرين للثقافة والآثار، أو من وزارة الإعلام، أو عن طريق المؤسسات الثقافية الأهلية، لكن كان ولا يزال الحديث يدور هذه الأيام عن تأجيل معرض الكتاب الذي هو شغف المثقفين والكتاب والمبدعين الذين يرونه غداء للحراك الثقافي، هذا الحلم الذي يؤجل كل سنة دون معرفة الأسباب، فقد تكون مالية أو إدارية أو فنية أو لوجستية، وفي الوقت الذي نرى أن هيئة الثقافة حريصة ومعنية بشأن إقامة المعرض فعليها أيضاً النظر إلى مكانة البحرين الثقافية والأدبية عبر التاريخ في المنطقة، وأن تسعى إلى تذليل الصعاب، وكما عودتنا الهيئة على الصراحة، فليتها تصدر تصريحاً تبين فيه تداعيات التأجيل، فلربما تكون وجيهة وتقنع الجمهور الذي كان على انتظار، وفي رأيي إذا كان السبب مادياً بحكم ارتفاع سعر استئجار قاعات أرض المعارض الجديدة، فيمكنها إقامته في أي مكان آخر إلا إذا كان التوجه العام أن تكون كل المعارض والمهرجانات في المكان هذا، حيث توضيح الأسباب تقلل من القيل والقال، وتحجم التفسيرات والاستنتاجات، وعليه نحن طموحون بقراءة ما سيصدر عن الهيئة، وبخاصة أن العلاقة بينها وبين الكتاب والفنانين علاقة وطيدة.
فكرة قديمة مع تحولات التقنية
بدوره، نحا الكاتب عبدالله الكعبي، منحى آخر بقوله إن: انخفاض أهمية معارض الكتب في السنوات الأخيرة وإقدام البعض على إلغائها أو تأجيلها يعود برأيي لعدة عوامل متداخلة، بعضها مرتبط بتغير سلوك القرّاء، وبعضها الآخر بالتحولات التقنية والاقتصادية. ففكرة إقامة معارض الكتب هي فكرة قديمة كانت في وقتها إبداعية تطورت مع تطور الإمكانيات والتقنيات التي احتاجت هي الأخرى لأوقات طويلة لتتطور؛ ومن ثم تحول فكرة واستراتيجية تلك المعارض إلى فكرة قديمة عفا عليها الزمن.
اعتقد أن فكرة معارض الكتب لا تختلف في شكلها ولا مضمونها عن أفكار أصغر وأقل حجمًا وجدت لتلبي اختلافات الأذواق تحت سقف واحد. فمحلات التسجيلات «الكاسيت» كان يزورها روادها لانتقاء الجديد من الأغاني التي لم يكن لهم علم بصدورها، والحال ذاته مع محلات أشرطة الفيديو التي كانت عبارة عن معارض لأحداث الأفلام التي تصدرها شركات الإنتاج في الشرق والغرب.
وتابع: السؤال، أين تلك المحلات؟ ولماذا أصبحت من ذكريات الماضي؟ الجواب باختصار أن التقنية الحديثة التي تسارعت بشكل غير متوقع ألغت كل تلك الأنشطة بعد أن أصبح كل منا قادراً وبكبسة زر القيام بالمهام التي كانت كل تلك الجهات مجتمعة تسعى للقيام بها.
فحال معارض الكتب باعتقادي لا تختلف عما جرى للمعارض الأخرى، فالذوق العام للقراء تغير وأصبح أكثر قابلية للتطور الجديد الذي يسعى وراء الاختصار وقراءة القليل الذي بإمكانه تقديم الكم على حساب الكيف الذي لم يعد يهتم به إلا القليل من قراء الزمن الماضي. كما أن المنظمين لهذه المعارض، والذين يرتبط عملهم بالربح والخسارة في المقام الأول كان لزاماً عليهم ركوب موجة التطور التي لا تتماشى مع الشكل التقليدي لتلك المعارض.
فالكثير من معارض الكتب متاحة اليوم للجميع وبأقل تكلفة وبشكل أوسع انتشاراً من الماضي، وهو ما جعل الشكل التقليدي للمعارض في عداد الماضي. فالتحول إلى النشر الرقمي وانتشار الكتب الإلكترونية والكتب الصوتية جعل الحصول على المحتوى أسرع وأرخص، دون الحاجة إلى حضور معرض أو شراء نسخة ورقية.
كما أن منصات التواصل الاجتماعي غيرت من عادات القراءة حيث أصبح الإيجاز مقدمًا على التفصيل. واستدرك: أعتقد أن وباء كورونا لم يكن سبباً في إلغاء أو تأجيل تلك المعارض، وإنما اعتقد أنه القشة التي قصمت ظهر البعير، وكان حداً فاصلاً بين ماضٍ كان لزاماً عليه أن يرحل وواقعاً عليه أن يسود إلى أن يأتينا العلم والتطور بما هو جديد، ولكن وبالرغم من كل ذلك لا أرى مانعاً من الاحتفاظ بكلاسيكيات الماضي والعناية بها من خلال إقامة تلك المعارض في شكل حديث يمزج بين العراقة والحداثة، فالحاضر بالرغم من تقنياته وتطوراته الحديثة ما زال، وفي الكثير من أشكاله يتدثر بذلك الماضي الذي كان للتقنية الحديثة دور في نبشه وإعادته للواجهة من جديد.
دور كبير يفرض انتظامه
أما العضو الإداري في مركز عبد الرحمن كانو الثقافي، أحمد البحر، فقد أشار إلى أن المعرض الذي كان من المفترض أن ينعقد يمثل حدثاً بالغ الأهمية، ليس فقط للمختصين والمهتمين، بل أيضاً لفئات مختلفة مثل الشباب والطلاب. وعلى الرغم من التأجيل الناتج عن ظروف أجبرت الجهة المنظمة على اتخاذ هذا القرار، يبقى الأمل قائماً في إقامة مثل هذه الفعاليات مستقبلاً نظراً لأهميتها الكبيرة.
وأوضح أن أهمية المعرض تكمن في الدور الذي يلعبه في جمع مختلف المؤلفات في الأدب والثقافة العامة وغيرها من المجالات تحت سقف واحد، مما يخلق تجربة تشبه التجول في حديقة غنية بمختلف أنواع الأزهار والورود، حيث يتمكن الزائر من العثور على ما يتطلع إليه بسهولة، وفي مكان واحد.
من جانبه، أعرب موسى الموسوي، صاحب دار فراديس للنشر والتوزيع في البحرين، عن استغرابه من تأجيل معرض الكتاب منذ النسخة الأخيرة التي أقيمت في عام 2018. وأشار إلى عدم وضوح أسباب هذا التأجيل، مؤكداً على أهمية المعرض في تسليط الضوء على دور البحرين كمنارة ثقافية، خاصة وأن المعرض يُنظم منذ بداية الثمانينات بشكل دوري، حيث يُقام في البحرين كل سنتين، في حين يُنظم سنوياً في بقية الدول.
الموسوي أوضح أن المعرض يمثل حدثاً مهماً للناشرين والقراء الذين ينتظرونه بشغف، ويخصصون ميزانية خاصة له تماماً كما هو الحال في مواسم المدارس أو الأعياد. وأكد أن الحدث يتمتع بقيمة ثقافية تُظهر دور الدولة في تنظيمه، باعتباره جزءاً من سياستها سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي. وشدد على أنه فعالية ثقافية بحتة لا ترتبط بأي جوانب أخرى.
كما أضاف الموسوي أن الناشرين البحرينيين يشاركون في المعارض المختلفة التي تُقام بمناطق عديدة في المنطقة، مما يتيح لهم فرصة عرض المنتجات المحلية هناك. وعلى الجانب الآخر، يحرص الناشرون من الدول الأخرى على المشاركة في معرض البحرين، نظراً لوعي الشعب البحريني وثقافته الشغوفة بالمطالعة.
وأشار إلى أن تأجيل المعرض بدأ مع جائحة كورونا بعد أن كان من المفترض إقامته في عام 2020، إلا أنه لم يحدث منذ ذلك الحين، على الرغم من توفر الظروف المناسبة حالياً لاستئناف تنظيمه. وفي ختام حديثه، أعرب الموسوي عن أمله في عودة إقامة المعرض بشكل منتظم، لما له من أهمية كبيرة يصعب الاستغناء عنها.
تجدر الإشارة إلى أنه في عام 2020، أعلنت هيئة البحرين للثقافة والآثار عن تأجيل فعاليات معرض البحرين الدولي للكتاب في نسخته التاسعة عشرة، والذي كان من المقرر انطلاقه في 25 مارس من العام نفسه، إلى موعد لاحق يتم تحديده.
وقد تم اختيار دولة الكويت لتكون ضيف شرف هذه النسخة، التي تُقام كل عامين، وتشكل إحدى الركائز الأساسية للنهضة الثقافية التي تشهدها المملكة في ظل العهد الزاهر لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المعظم حفظه الله ورعاه. ويعكس المعرض، كونه تظاهرة ثقافية بارزة، اهتمام القيادة البحرينية بالثقافة باعتبارها المرآة الحقيقية للشعوب.
وأوضحت الهيئة في بيانها آنذاك أن نسخ المعرض السابقة نجحت في استقطاب نحو 120 ألف عنوان من مختلف دور النشر العربية والدولية، التي بلغ عددها أكثر من 250 دار نشر، مما ساهم في تعزيز سمعة المعرض على المستوى الدولي وجذب المزيد من المشاركات من مختلف أنحاء العالم، نظراً لما يحظى به من إقبال جماهيري متزايد عاماً بعد عام، وترسيخ دور البحرين كمنارة إشعاع ثقافي في المنطقة.
ورغم أنه كان من المخطط إقامة المعرض في 2022، فقد تم تأجيله إلى 2024، قبل أن تُعلن الهيئة عن تأجيل النسخة التاسعة عشرة مرة أخرى، إضافة إلى التأجيل الأخير، حيث كان مقرراً إقامته في أكتوبر المقبل.
نسخ سابقة ناجحة
شهدت مدينة المحرق، بجانب قلعة عراد، إقامة النسخة الثامنة عشرة من المعرض بين شهري مارس وأبريل 2018، حيث استُضيفت المملكة العربية السعودية كضيف شرف. وشارك في هذه الدورة أكثر من 400 دار نشر ومؤسسة ثقافية وفكرية من 26 دولة، وقدمت برنامجًا ثقافيًا متنوعًا، استقطب أكثر من 220 ألف زائر، بينهم سبعة آلاف طالب من 181 مدرسة حكومية وأهلية.
وحرصت وزارة الثقافة والإعلام السعودية على المشاركة بفعاليات ثقافية وفنية متعددة، تضمنت ندوات وأمسيات شعرية ومحاضرات نقدية وعروضًا سينمائية وفنية، بمشاركة نخبة من الأدباء والمثقفين السعوديين والبحرينيين. كما تميز ركن هيئة الثقافة بعرض مجموعة من الإصدارات الحديثة التي أُضيفت للمكتبة البحرينية والعربية، وشهد ركن توقيع الكتب مشاركة واسعة من المؤلفين المحليين والعرب.
إلى جانب ذلك، أثرت النخب الفكرية والشعرية البحرينية والعربية البرنامج الثقافي بالتعاون مع عدة جهات منها: مركز الشيخ إبراهيم للثقافة والبحوث، هيئة الشارقة للكتاب، وجمعية البيارق البيضاء، ومؤسسة بحرين ترست. كما حظي ركن الأطفال، الذي أُقيم بالتعاون مع مركز سلمان الثقافي، بإقبال واسع من العائلات والأطفال، وضم أنشطة وجلسات قراءة وعروضًا مسرحية تهدف لترسيخ حب القراءة لدى الصغار. أما السابعة عشرة – 2016 فأُقيمت بمشاركة المملكة الأردنية الهاشمية كضيف شرف، واستقطبت ما لا يقل عن 100 ألف زائر.
شارك في المعرض أكثر من 380 دار نشر محلية وعربية وعالمية توزعت على 450 جناحاً بمساحة 8000 متر مربع، وقدّم برنامجًا حافلاً بالندوات والأمسيات والعروض الثقافية. شهد المعرض أيضاً ركن التوقيع الذي احتفى يومياً بتوقيع كتب جديدة في مجالات الأدب والفن والثقافة، وكان من أبرزها كتاب تفكر المترجم للعربية ضمن مشروع نقل المعارف. كما تم تدشين 7 مؤلفات عالمية، منها 6 مترجمة إلى العربية، وإصدار كتاب «محمد بن خليفة 1813–1890: الأسطورة والتاريخ الموازي»، باللغة الإنجليزية.
وتوّجت فعاليات المعرض بالإعلان عن جائزة البحرين للكتاب التي فاز بها الباحث الأردني حسن أبو صبيح عن كتابه قرية الدوايمة، وكذلك جائزة محمد البنكي لشخصية العام الثقافي التي ذهبت للروائي الكويتي سعود السنعوسي. كما خُصص ركن للأطفال بالتعاون مع بيت سرد الثقافي، استقبل أكثر من 15 ألف طفل وقدم فعاليات تجمع بين التعليم والترفيه.
فيما استقبلت النسخة السادسة عشرة أكثر من 100 ألف زائر، وشارك فيها أكثر من 380 دار نشر من 28 دولة، وقدمت ما يزيد على 120 ألف عنوان. استضاف المعرض أيضاً نحو 4000 طالب، وحقق مبيعات تجاوزت 800 ألف نسخة. وضم البرنامج الثقافي فعاليات متنوعة بمشاركة المملكة الأردنية الهاشمية كضيف شرف، إضافة إلى ركن توقيع الكتب، وإطلاق عدة إصدارات ضمن مشروع نقل المعارف.