اخبار عربية ودولية

حوادث القيادة العكسية تُضاعف الطلب على «الداش كام»



مروان الجميلي

النائب د. مريم الظاعن: وسيلة لضبط السلوك المروري وحفظ الأرواح

المستشار د. ضياء الفهداوي: التشهير انتهاك للخصوصية حتى لو كان الفيديو صحيحاً

مواطنون: «كاميرات المركبات» باتت ضرورة وليست رفاهية

تضاعفت مبيعات أجهزة «الداش كام» (كاميرات المركبات) في البحرين خلال الفترة الأخيرة، في أعقاب سلسلة الحوادث الخطيرة التي هزت الرأي العام، كان أبرزها حوادث السير العكسي في عدد من المناطق الحيوية، والتي أسفرت عن وفيات وإصابات بليغة.

وأكد أصحاب محال إلكترونيات وتركيب أنظمة مراقبة المركبات لـ«الوطن»، أن الإقبال على شراء الداش كام تضاعف خلال الأسبوعين الماضيين، مع تركيز المستهلكين على الأجهزة عالية الدقة التي تسجل من الجهتين الأمامية والخلفية، وتدعم التخزين طويل الأمد.

تفاوت الإقبال والأسعار حسب الجهاز

وفي جولة ميدانية لـ«الوطن»، أفاد عدد من أصحاب محلات تركيب الداش كام وزينة السيارات في المنامة بأن هناك إقبالاً متزايداً من السائقين على تركيب هذه الكاميرات، مدفوعاً بتنامي الوعي حول دورها في توثيق الحوادث وتعزيز السلامة على الطرق.

أما في سوق الهملة، فقد تراوح الإقبال بين الجيد والمقبول، مع أسعار متفاوتة تبدأ من 20 ديناراً، وتصل إلى 45 ديناراً حسب جودة الكاميرا ومواصفاتها، وسط توقعات بتحسّن المبيعات مع تزايد الوعي المروري.

وفي شارع البوكوارة، أشار أصحاب محلات زينة إلى أن الإقبال يُعد جيداً بشكل يومي، وتتراوح الأسعار هناك بين 25 و35 ديناراً، لافتين إلى أن الزبائن باتوا أكثر إدراكاً لفوائد هذه التقنية، خاصة بعد الحوادث الأخيرة.

وذكر أصحاب محلات في منطقة جدعلي، أن الإقبال خلال الفترة الأخيرة كان جيداً إلى جيد جداً، موضحين أن لديهم مجموعة متنوعة من الكاميرات الرخيصة وعالية الجودة.

وأكدوا أن ثقافة تركيب «الداش كام» بدأت تترسّخ، خاصة بتأثير انتشارها في دول الجوار مثل المملكة العربية السعودية، حيث أصبحت جزءاً من أساسيات السلامة في السيارة.

حوادث قاتلة دفعت المجتمع للتحرك

جاء هذا التحول السريع في سلوك المستهلك بعد انتشار مقاطع فيديو لحوادث مروّعة، أبرزها حادث مأساوي راح ضحيته زوجان بحرينيان، فيما أُصيب أبناؤهم الثلاثة بإصابات بليغة إثر تصادم، وجهاً لوجه، بسبب قيادة عكس السير في الطريق المؤدي إلى منطقة سار.

كما تمّ توثيق حادث آخر ظهرت فيه مركبتان تسيران بعكس السير، وهو ما زاد من الدعوات لاعتماد «الداش كام» كوسيلة توثيق حيوية.

الجهات الأمنية تتحرك بحزم

بدورها، كثفت الجهات الأمنية حملاتها لضبط السلوكيات المرورية الخطيرة، حيث أكدت الإدارة العامة للمرور في مناسبات سابقة أن عدة سائقين أُوقفوا منذ بداية العام بسبب مخالفات جسيمة كقطع الإشارات، والتفحيط، والسير عكس الاتجاه، مشددة على استمرار الحزم في اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المخالفين.

«الداش كام» أصبحت أداة لحماية الحقوق

أوضح مواطنون تحدّثوا إلى «الوطن» أن تركيب «الداش كام» لم يعد ترفاً، بل بات وسيلة وأداة لحماية الحقوق.

وقال عبدالعزيز محمد: «اعتبر وضع الداش كام ضرورة قانونية لحماية السائقين من تلفيق الاتهامات وتوثيق الوقائع بشكل دقيق ليأخذ كل ذي حقه في حال وقع حادث أو غيره لا سمح الله».

أما المهندس عامر بن رجب، قال: «حالياً لا أضع داش كام، لكن أفكر في وضعه بالقريب العاجل لكونه بات ضرورة بالفعل، وما رأيناه عبر منصات التواصل الاجتماعي بالفترة الماضية من حوادث مؤلمة في البحرين يبعث على القلق والأسى».

ودعا رجب، الجهات المعنية إلى تشديد العقوبات الرادعة وخاصة بحق من يثبت تعاطيه مخدراً ويتسبب بحادث مميت.

وأضاف بن رجب: «دائماً ما أوصي ابني ثلاث وصايا عند قيادته سيارته: انتبه لنفسك وأنت تقود، لا تسرع أبداً تحت أي ظرف، وانتبه لمن حولك بشكل جيد».

أحد المواطنين قال: «تعرّضت لحادث العام الماضي وتم تحميل الخطأ عليّ ظلماً، ولو كان لدي داش كام لكان القرار مختلفاً تماماً، الآن لا أقود سيارتي من دونها».

مريم الظاعن: المقترح قائم ويعزز السلامة

من جهتها، صرّحت النائب د. مريم الظاعن بأنها تقدمت بمقترح في مارس الماضي يدعو إلى تشجيع السائقين على تركيب «الداش كام»، مؤكدة أن هذه الأجهزة تلعب دوراً محورياً في تعزيز الرقابة الذاتية، والحد من الحوادث، وحفظ الحقوق، خاصة في حال غياب الشهود أو الكاميرات العامة.

وأشارت إلى تجارب دولية مثل المملكة المتحدة، حيث تقدّم شركات التأمين فيها خصومات للسائقين الذين يستخدمون «الداش كام»، ضمن استراتيجية تهدف لتعزيز السلامة وتقليل نِسب الحوادث.

كما أعادت التذكير بمقترحها السابق لتغليظ العقوبات على المخالفين الذين يتجاوزون الخط الأصفر، مشيرة إلى حادث كادت أن تكون هي ضحيته، مؤكدة على أهمية تطبيق القوانين على الجميع دون استثناء، بما في ذلك المركبات الخليجية.

دعوة لاستخدام مسؤول

وفي الوقت الذي تتزايد أعداد مستخدمي «الداش كام»، حذّرت جهات قانونية من الاستخدام الخاطئ لمقاطع الفيديو، مشددة على ضرورة عدم نشرها على وسائل التواصل أو مشاركتها دون إذن رسمي، لما في ذلك من احتمال المساس بالخصوصية والتعرّض للمساءلة القانونية.

كما نبّهت إلى أهمية استخدام بطاقات ذاكرة ذات جودة وسعة عالية، والحرص على أرشفة التسجيلات المهمة بدلاً من الاعتماد فقط على التسجيل التلقائي المتجدد.

«الداش كام».. من كماليات إلى ضرورة

أصبحت كاميرات المركبات اليوم أداة قانونية وتقنية فعّالة لحماية الأرواح والممتلكات، وليست مجرد وسيلة تكنولوجية مكمّلة.

ومع تزايد الحوادث والمخالفات الخطرة، تبرز أهمية هذه الكاميرات كوسيلة رادعة، داعمة للعدالة، ورافعة لثقافة السلامة على الطرق.

وفي ضوء ما سبق، يتضح أن استخدام «الداش كام» في البحرين مسموح ضمن أطر محددة، أهمها احترام خصوصية الآخرين، والامتناع عن النشر غير القانوني للمحتوى المصور.

فالتقنية هنا ليست المشكلة، بل كيفية استخدامها هو ما يحدد الفرق بين الاستخدام المشروع والمخالف للقانون، خاصة مع انتشار مقاطع تصور حوادث ومخالفات مرورية على وسائل التواصل الاجتماعي.

الاستخدام مسموح بشروط

وبحسب المستشار القانوني د. ضياء الدليمي، فإن استخدام هذه الكاميرات مسموح بها من حيث المبدأ، بشرط ألا تعيق الرؤية، أو تشكّل خطراً أثناء القيادة، ويُفضّل أن تقتصر على الاستخدام الشخصي مثل توثيق الحوادث.

لكن الدليمي حذّر من أن تصوير الأشخاص دون إذنهم، أو نشر المقاطع المصورة على الإنترنت، قد يُعد انتهاكاً للخصوصية يُعاقب عليه القانون البحريني بالغرامة أو الحبس، خاصة إذا كان القصد التشهير أو الإساءة.

التوثيق مباح.. النشر له حدود

أما في حال توثيق مخالفات مرورية أو جرائم، فإن تصويرها لا يُعطي الحق بنشرها علناً، بل يجب تسليم التسجيلات إلى الجهات الرسمية مثل المرور أو النيابة العامة.

ونصح الدليمي السائقين بالتحلي بالوعي القانوني قبل التوثيق، والتفريق بين الحق في الحماية والحق في الخصوصية، لئلا يتحول شاهد الإثبات إلى طرف متهم.



Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى