تمكين شباب البحرين.. رؤية ملكية ودعم حكومي لصناعة قادة المستقبل

حسن الستري
يأتي يوم الشباب الدولي لعام 2025 ليركز على مساهمة العمل الشبابي المحلي في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ويدعو إلى التفكير بما يتجاوز عام 2030، حيث يشدد هذا اليوم على أهمية دور الشباب في تحويل الأهداف العالمية إلى إنجازات ملموسة على مستوى المجتمعات.
مع سعي شركاء التنمية لتكييف الأهداف العالمية بما يتناسب مع السياقات المحلية ومحاولة إيجاد توافق مع الالتزامات الوطنية والدولية، يظهر الشباب كشركاء رئيسيين في هذا النهج، حيث يساهمون بإبداعهم وتواصلهم مع مجتمعاتهم المحلية لردم الفجوة بين السياسات والرؤية التطبيقية. وباعتبار أن أغلب غايات التنمية المستدامة ترتبط بالحكم المحلي، فإن إشراك الشباب يصبح عاملاً أساسياً، وليس مجرد خيار.
شركاء التنمية المستدامة
يمتلك يوم الشباب الدولي لعام 2025 أهمية متميزة كونه يتزامن مع الذكرى الثلاثين لإطلاق برنامج العمل العالمي للشباب، الذي لا يزال يعتبر إطاراً مهماً لتعزيز دور الشباب بوصفهم شريكاً أساسياً في التنمية المستدامة والحوكمة التشاركية. الموضوع الذي اختير لهذا العام يعكس بوضوح هذه المبادئ، حيث تسعى المناقشات المرتبطة به لتحضير القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية المقررة في الدوحة خلال شهر نوفمبر. ومع دخول العالم المرحلة الأخيرة لتحقيق أهداف أجندة 2030، يسلط يوم الشباب الدولي الضوء على الحاجة الملحة لاعتماد سياسات وبرامج شاملة تستثمر العمل المحلي للشباب لدفع عملية التنمية المستدامة إلى الأمام.
ويلفت هذا اليوم الانتباه إلى الدور الحيوي للحكومات المحلية والإقليمية كونها الأقرب للمجتمعات، مما يمنحها القدرة على دعم سياسات شاملة وابتكار آليات تجعل الشباب طرفاً فعّالاً في عملية التخطيط واتخاذ القرار. عبر دمج رؤى الشباب ضمن استراتيجيات تلك الحكومات وتعزيز التعاون مع المنظمات الشبابية، يمكن تعزيز الشراكة مع هذه الفئة الحيوية وتحويل أفكارهم إلى حلول عملية ذات تأثير مباشر.
بهذا النهج، تصبح الحكومات المحلية حاضنةً للإبداع والمشاركة المدنية للشباب، الأمر الذي لا يدعم تحقيق أهداف التنمية المستدامة فحسب، بل يساهم أيضاً في تشكيل قادة المستقبل وتعزيز ريادة الشباب في تنمية مجتمعاتهم.
دعم القيادة للشباب
ويحظى الشباب البحريني باهتمام كبير وبالدعم المستمر الذي يوليه حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم، حيث تعد هذه الرعاية أساساً قوياً لمسيرة تمكينهم، وتعكس الإيمان العميق بدورهم الحيوي في خدمة الوطن وتعزيز تطوره وازدهاره.
كما يحظى الشباب برعاية صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، من خلال دعم واضح يتجلى في المبادرات النوعية والمشاريع المبتكرة التي تتيح لهم فرصاً واسعة للإبداع والمساهمة الفاعلة في مختلف المجالات التنموية.
إضافة إلى ذلك، لا ينسى دور المجلس الأعلى للشباب والرياضة، برئاسة سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، ممثل جلالة الملك للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب، الذي يهدف إلى تحقيق التكامل في أوجه النشاط في قطاع الشباب والرياضة لتكوين المواطن الصالح اجتماعياً وعقلياً وبدنياً.
قوانين ومبادرات لتمكين الشباب
كما توجد قوانين ومبادرات التي تعزز مشاركة وتمكين الشباب في البحرين، وتسعى إلى خلق بيئة داعمة تدعم تطورهم وتستثمر في إمكانياتهم عبر مجالات متعددة. من الأطر القانونية إلى البرامج الاجتماعية والاقتصادية، هذه الجهود تركز على تحقيق التوازن بين تمكين الشباب وتأهيلهم ليصبحوا عوامل تغيير إيجابية في المجتمع.
ومن أبرز التشريعات ذات الصلة تتضمن قوانين مثل قانون رقم (21) لسنة 1989 الذي ينظم تأسيس الجمعيات والمؤسسات الشبابية، إلى جانب قرارات تمكن الهيئات الشبابية من العمل ضمن أنظمة مكيفة، مثل قرار رقم (2) لسنة 2022 المتعلق بالشؤون المالية لهذه المراكز. كذلك، مرسوم إنشاء صندوق الأمل يوفر دعماً مباشراً لمبادرات ومشاريع الشباب بهدف تعزيز ريادة الأعمال لديهم.
في المجال الاقتصادي، المبادرات مثل تمكين وصندوق الأمل تسعى لتوفير الدعم المالي والإرشادي لرواد الأعمال، كما يستعرض برنامج «بيبان» أفكاراً ريادية للشباب أمام المستثمرين لتوسيع آفاق مشاريعهم. على الجانب الرقمي، سياسة المشاركة الإلكترونية تسهل ربط الشباب بالحكومة عبر القنوات الرقمية؛ مما يعزز الشفافية والحوار المشترك. وبالمجال السياسي، تم خفض سن انتخاب النواب والبلديين من 21 عاماً إلى 20 عاماً.
علاوة على ذلك، برامج تعليمية مثل برنامج القيادة الشبابية بالشراكة مع الأمم المتحدة (YLP) تفتح الأبواب أمام الشباب للتعلم حول الاستدامة والتفكير القيادي. في المجال الثقافي والاجتماعي، ترتكز الفعاليات مثل مهرجان صيف البحرين ومبادرة «تاء الشباب» على تطوير الإبداع وتعزيز الهوية الثقافية للشباب.
وتستهدف هذه المبادرات والقوانين أهدافاً جوهرية مثل رفع نسبة مشاركة الشباب في صنع القرار، دعم ريادة الأعمال، تدريب وتأهيل الشباب لدخول سوق العمل، وتعزيز المبادرة والإبداع لديهم. هذه الجهود المتوالية والمتنوعة تجسد رؤى البحرين المستقبلية نحو بناء مجتمع قوي يتفاعل فيه الشباب بشكل مباشر ومثمر لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة.
استراتيجيات وخطط داعمة
أما الهيئات والمؤسسات، فتمثل وزارة شؤون الشباب القلب النابض لهذه الحركة، إذ تقود استراتيجيات وخطط تدعم مشاركات الشباب على المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية. تشمل المراكز برامج تدريبية، توجيهية، وفرص مشاركة مجتمعية تهدف إلى تمكين الشباب من الوصول إلى مرحلة الإنتاجية والاستقرار المالي والاجتماعي.
من جانبها، أكدت رئيس لجنة الخدمات بمجلس النواب جليلة السيد، أن الاحتفاء باليوم الدولي للشباب الذي يوافق 12 أغسطس من كل عام، هو مناسبة لتجديد الالتزام الوطني بدعم طاقات الشباب البحريني ومعالجة التحديات التي تواجههم، وفي مقدمتها ملف البطالة، وفتح آفاق أوسع أمامهم للابتكار والمشاركة في بناء الوطن.
وأشارت إلى أن لجنة الخدمات النيابية، ومن خلال أدواتها التشريعية والرقابية، تعمل على دعم التشريعات والسياسات التي تتيح للشباب فرص عمل نوعية في القطاعات الواعدة، مثل التقنيات الحديثة، والصناعات الإبداعية، مع تعزيز برامج التدريب والتأهيل بما يتواكب مع متطلبات سوق العمل المتغير.
وأضافت أن البحرين، بفضل الرؤية الملكية السامية والدعم الحكومي المستمر، أسست لمنظومة متكاملة لتمكين الشباب، لكن المرحلة المقبلة تستدعي رفع وتيرة العمل المشترك بين السلطتين التشريعية والتنفيذية والقطاع الخاص، من أجل تقديم حلول عملية ومستدامة للتحديات الشبابية.
من جهته، أكد رئيس لجنة شؤون الشباب بمجلس الشورى رضا منفردي أن هذه المناسبة العالمية تعتبر محطة للتقييم واستلهام النجاحات التي حققها الشباب من أبناء وبنات البحرين في مختلف المجالات العلمية والثقافية والرياضية والريادية.
وأشار إلى أن الإنجازات البارزة التي تحققت للشباب، وأسهمت في بلوغهم المراكز المتقدمة في المجالات الثقافية والفنية والرياضية وغيرها ما هي إلا ثمرة للرعاية السامية والدعم اللامحدود من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم، بفضل رؤيته الثاقبة وسياساته الحكيمة التي أرست أسساً راسخة لتمكين الشباب، ليكونوا شركاء فاعلين في مسيرة التنمية الشاملة.
ونوه منفردي بالدعم الكبير الذي توليه حكومة المملكة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، والذي تجسد في البرامج والمبادرات الوطنية الطموحة التي ترعاها الحكومة الموقرة لاستثمار طاقات الشباب وفتح المزيد من آفاق الابتكار والإبداع أمامهم.