بولندا جوهرة أوروبا.. رحلة بين سحر وارسو وقمم زاكوبان

فاطمة الصديقي

هنا تقف بولندا.. بين عبق التاريخ وسحر الطبيعة، لتتحول إلى جوهرة أوروبا الشرقية، حيث يقع بلد يجمع بين القلاع العتيقة والجبال الشاهقة والشواطئ الهادئة، وبين المطبخ التقليدي الغني والثقافة النابضة بالحياة، ففي وارسو ستسافر عبر القرون من خلال شوارعها وأسواقها التاريخية، وفي كراكوف ستعيش أجواء ساحرة وسط الساحات النابضة والفعاليات المتنوعة، أما زاكوباني فهي جنة عشاق الطبيعة بقممها الخضراء وثلوجها البيضاء.هنا ستكتشف شعباً طيباً مضيافاً، وخدمات بأسعار مناسبة، وتاريخاً يزهو بإنجازات علمية كإنجازات ماري كوري، إضافةً إلى مجوهرات العنبر الفريدة القادمة من بحر البلطيق، وسواء كنت تبحث عن مغامرة، أو هدوء، أو تجربة ثقافية غنية، بولندا تفتح لك أبوابها على مصراعيها لتمنحك رحلة لا تُنسى.

أجمل وجهات أوروربا

تعد بولندا واحدة من أجمل الوجهات السياحية في أوروبا، تجمع بين عراقة التاريخ وجمال الطبيعة ومناظر خلابة تجمع الجبال والسواحل وتراثًا شاهدًا على تاريخ هذا البلد، ويمكن للزائر الاطلاع على ثقافة هذا البلد الجميل وزيارة قلعة وارسو ومدينة كراكوف وزيارة أقدم الغابات في أوروبا، وتذوق المأكولات التقليدية في بولندا، والاستمتاع بالفنون الشعبية والرقصات التقليدية، فإذا كنت عزيزي القارئ تحب استكشاف مناطق جديدة فما عليك إلا زيارة بولندا، فهي تجربة غنية بالمعرفة والمتعة والتاريخ العريق.

السفر إلى بولندا تجربة مختلفة، فهي بلد الثقافات والطبيعة المتنوعة وموطن للموسيقى وشعب مضياف، بالإضافة إلى الأسعار المعقولة بالمقارنة مع العديد من الوجهات السياحية في أوروبا، فهي مثالية للمسافرين. بولندا بلد الابتكارات العلمية في الكيمياء والفيزياء، بلد العالمة ماري كوري الحائزة على جائزة نوبل، وهي أول امرأة تحصل على هذه الجائزة.

ترحيب بالجميع

بولندا بلد غني بالمعالم السياحية والثقافية، إلا أنني وجدت أن السياح العرب لم يتجهوا إليها إلا في الآونة الأخيرة. أول زيارة لي لبولندا، للأمانة، قبل عشر سنوات تقريبًا، لم أشاهد سياحًا عربًا أو خليجيين غيرنا، وعند زيارتي الثانية قبل خمس سنوات تقريباً، وجدت السياح من دولة الإمارات العربية المتحدة في هذا البلد الجميل وبأعداد كبيرة. وبسؤالي عن تواجدهم بكثرة عن جنسيات خليجية أخرى، استوضحت سببين: الأول هو أن أحد مشاهير الإمارات سوّق لبولندا على أنها بلد مثالي للسياحة بسبب المناظر الطبيعية والطقس الجميل، بجانب الأسعار التي تكون في متناول الجميع.

فمن خلال بعض المشاهير والتسويق بالصور والفيديوهات، أصبحت بولندا موطناً للسياحة الجميلة، وخصوصاً في المناطق الريفية التي تمتاز باعتدال الطقس في فصل الصيف، وهي بالتأكيد نقطة في غاية الأهمية بالنسبة لمواطني دول الخليج. أما السبب الآخر لزيارة بولندا فهو الطيران المباشر من أبوظبي إلى بولندا، ومن بعد ذلك بدأ السياح من الدول العربية يتوافدون إلى بولندا في السنوات الثلاث الأخيرة حتى أصبحت من الوجهات الأولى للسياحة بسبب ما تتمتع به من طقس رائع وبسبب انخفاض تكاليف السفر، وهو سبب رئيس للسياحة غير المكلفة نسبياً.

شعب طيب ومضياف

تجربة واحدة مع بعض البولنديين كفيلة بأن تعطيني انطباعًا جميلًا عن الشعب البولندي الطيب المتعاون مع السائح. ذهبت إلى أحد المحلات التجارية في زيارتي الأولى لبولندا لشراء بعض المقتنيات، وعند الدفع سألتني البائعة بلغتها من أين أنا وبعض الأسئلة، ولكني لم أفهمها، وهي كذلك لا تعرف اللغة الإنجليزية. عندها وقفت إحدى الزبونات في المحل وأخذت تترجم لي من خلال أيقونة الترجمة في الهاتف النقال، وعندها تحدثنا مع المترجمة وتبادلنا بعض الأحاديث.

وهذا، للأمانة، أعطاني انطباعاً جميلاً جداً بأنهم شعب يحب المساعدة وودود، وهذا ما عكسته لي الزبونة التي آثرت على نفسها ترجمة الحديث. تذكرت الشعب البحريني المضياف الخدوم الذي يقدم خدماته لكل من يسأل ويبادر في الرد بكل احترام وامتنان حتى تكون زيارة السائح للبحرين تجربة جميلة مليئة بالذكريات الطيبة.

العنبر.. ذهب الشمال

تشتهر بولندا بصناعة المجوهرات المصنوعة من العنبر أو الكهرمان الذي يُستخرج من بحر البلطيق، ويعد هذا الكهرمان من أشهر الأنواع في العالم، المتميز بألوانه المتعددة من اللون الأصفر إلى البرتقالي واللون البني، وتُستخدم العنبر في صناعة القلائد والخواتم والأقراط والأسوار. هذه المجوهرات مصنوعة بحرفية، فلا تتردد في اقتنائها لأن أسعارها مناسبة جداً.

وارسو.. روح التطور

وارسو هي عاصمة بولندا، تعكس روح التغيير والتطور من خلال المباني والأسواق والشوارع الغنية بعبق التاريخ البولندي. هي وجهة سياحية رائعة لزيارة المدينة القديمة، وهي من أهم المعالم السياحية التي يجب زيارتها لأنها تعود إلى القرن الثالث عشر، والتي تم وضعها ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، وتضم المقاهي والمطاعم، فهي القلب النابض بالحياة.

كما يوجد بها ساحة القلعة والمباني الملونة ونصب تذكاري للملك سيجموند الثالث، وتضم أيضاً العديد من الكاتدرائيات والقصور منها قصر ويلانو، وهو من العصور الجميلة التي تتزين باللوحات والتماثيل. كما يمكن للسائح التجول في الأسواق المحلية وبعض مراكز التسوق القديمة والحديثة.

كراكوف.. لؤلؤة تاريخية

كراكوف ليست وجهة سياحية فحسب، وإنما تجربة جميلة، لؤلؤة تاريخية، فأجواء هذه المدينة حيوية تحبس الأنفاس، حيث المباني القديمة والمطاعم والمقاهي والأسواق الشعبية. يمكن للزائر التجول بالعربات التي تجرها الخيول لجولة في الشوارع حيث الكنائس والمنازل التاريخية. تتميز ساحة كراكوف بكثرة الفعاليات المتنوعة ما بين الموسيقى والغناء وبعض الألعاب البهلوانية.

كما تضم كراكوف العديد من المتاحف منها المتحف الوطني ومناجم الملح، وكذلك الحدائق والمحميات مثل حديقة بلانتي بارك. هي مدينة جميلة تمتاز بالمباني القوطية والباروكية والشوارع المرصوفة بالأحجار التي تسرد قصص الماضي البعيد. هذه المدينة مناسبة في فصل الصيف، تتميز بمناخ معتدل خصوصًا في شهري يوليو وأغسطس، وهي بالتأكيد مناسبة للابتعاد عن أجوائنا الحارة في منطقة الخليج.

زاكوباني.. جمال الطبيعة

وجهة مناسبة لعشاق الطبيعة، تتميز بالجبال الشاهقة والمناظر الخلابة والغابات الكبيرة. زاكوباني تشتهر بأنها تكتظ بالسياح من مختلف دول العالم في جميع الفصول، للاستمتاع بالطقس والأجواء الجميلة والتزلج على الجليد في فصل الشتاء، وفي فصل الصيف باردة نسبياً مع احتمال سقوط الأمطار. وهذه الأجواء مناسبة لمحبي المشي لمسافات طويلة صعودًا للجبال، ويمكن الوصول لقمة الجبل مشياً على الأقدام يتخللها الغابات والأشجار الكثيفة، أو استخدام التليفريك لأعلى القمة أو القطار الجبلي.

وأياً كانت طريقة الوصول، فإن المناظر من أعالي القمة تحبس الأنفاس، وخصوصاً عند الغروب، جمال يدعوك لزيارة هذا المكان مراراً ولا تمل منه، حيث المقاهي والمطاعم في أعلى الجبال ذات إطلالة رائعة، ويمكن الاستمتاع بالزحليقة الصيفية التي تمنحك مشاهدة المناظر الخلابة، حيث تمر الزحليقة بمسار طويل ومتعرج بين الغابات، وهي مناسبة للصغار والكبار.

بالفعل زاكوباني مكان مثالي للاسترخاء والهدوء الداخلي. أما ساحة المشاة في زاكوباني، شارع كروبوكي، فهي ساحة مشهورة حيث المطاعم والأسواق والمحلات التقليدية، ويمكن الاستمتاع بركوب العربات والموسيقى والعروض في الساحة.زاكوباني تضم البحيرات الجميلة والشلالات الرائعة، حيث المناظر المميزة للوديان الخضراء والغابات الكثيفة والبيوت الخشبية، وهي لوحة فنية جميلة تتمنى أن تكون أحد عناصرها دائماً.

المطبخ البولندي

المطبخ البولندي غني بالأطباق التقليدية اللذيذة مثل البيروجي، وهي زلابية بولندية محشوة باللحم وبعض الخضروات، وكذلك بيغوس، وهي يخنة بولندية بها بعض أنواع اللحوم والملفوف المخلل، التي تُطهى على نار هادئة. كما تشتهر بكعكة الجبن المغطاة بالزبيب والسكر.

اللغة والعملة

اللغة البولندية هي اللغة الرسمية في بولندا، والزلوطي البولندي هو العملة المتداولة في أوروبا الشرقية. بالطبع الغالبية العظمى تقبل البطاقات الائتمانية، إلا أنه من المهم الاحتفاظ بعملة البلد للمشتريات الصغيرة أو للمحلات التي لا تقبل هذه البطاقات.