اليوم الوطني السعودي الـ95.. القيم والمسؤولية

المتتبع لحركة ومسارات تاريخ الدولة السعوديَّة منذ تأسيسها 1139هـ-1727م، قبل ما يقارب ثلاثمائة عام ثم توحيدها على يد الملك عبدالعزيز 1351هـ-1932م، يجد أن حركة هذا التاريخ أوجدت إنجازاً، بل وبكل ثقة إعجازاً سياسياً، من خلال صناعة تاريخ الوحدة الوطنية السعودية والذي يتمثل في الفكرة والقدرة على تحويل التشرذم والتشظي والولاءات والانتماءات المتجذرة من قوى وقبائل متعددة منذ أكثر من ألف عام حيث تعاقبت عشرات الأجيال على هذه الحالة ومشروع دمجها وتحويلها إلى مشروع دولة يُعد من الإنجازات التاريخية الاستثنائية.
وفي احتفاء المملكة العربية السعودية باليوم الوطني الـ95 فإن عاماً جديداً يضاف إلى رصيد تاريخ وطننا المجيد، وصفحة مضيئة يزدان بها سجل حافل بالإنجازات والخير والسلام، وذكرى تتجدد لتوحيد هذا الكيان العظيم على يد المغفور له بإذن الله – الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، تتجدد وتقدح في الأذهان قيمة وعظمة ومكاسب هذه الوحدة الفريدة.
لقد وفرت هذه الوحدة الميدان والبيئة لبناء ملاحم تنموية وحضارية عظيمة في كافة المجالات وكان المواطن هدفها الأول، كما قدمت وطناً أميناً وموثوقاً به يلتزم بقيم الأمن والعدالة والمساواة ومكافحة التطرف والتعاون مع الدول والمنظمات الدولية في سبيل السلام وخدمة الإنسانية.
وتتميز قيم الدولة السعودية في بناء علاقات تاريخية مسؤولة وموثوقة كما هو الحال مع النموذج المثالي الواضح في العلاقات السعودية-البحرينية والتي تتميز وتتنامى بكل ثقة ومحبة وتآخٍ ويعززها الارتباط الاجتماعي التاريخي بين البلدين، فهناك الروابط الأسرية وعلاقات القربى بين الشعبين، وهو ما يدعم الوحدة والمصير المشترك في كافة القضايا الإقليمية والدولية.
وفي المجال الاقتصادي، وقبل فترة النفط، قامت روابط تجارية بين البلدين، ثم تطور التعاون في مجال تكرير النفط وزادت الروابط الاجتماعية والتعاون الاقتصادي بين الدولتين بشكل كبير بعد إنشاء جسر الملك فهد.
ونشط بين البلدين شركات وبنوك ومشاريع اقتصادية مشتركة، كما نشطت التجارة البينية بينهما، وزاد التعاون والاستثمار البشري والاقتصادي والعمراني والتعليمي.
وتعاظمت العلاقة بين المملكة العربية السعودية والبحرين بعد قرار مجلس الوزراء السعودي برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وتحديداً في أكتوبر من العام 2020 التباحث مع مملكة البحرين لرفع مستوى التمثيل في مجلس التنسيق السعودي البحريني، وتحقيق التكامل الثنائي بين البلدين، ليشمل كل المجالات السياسية والاقتصادية والاستثمارية والتنموية والعسكرية والأمنية، ومتابعة مراحل العمل في جميع المشاريع والمبادرات المشتركة، ونتج عن هذا التباحث ميلاد مجلس التنسيق السعودي-البحريني الذي يُعد من أهم خطوات توثيق العلاقات المعززة لمراحل إنجاز الاتحاد بين دول الخليج العربية، ودليلاً واضحاً لرسوخ وأصالة العلاقات بين البلدين والشعبين الشقيقين، ونموذجاً للعلاقات التاريخية الوثيقة التي لا تهتز عبر الأزمان ويتعزز عمقها وفاعليتها رغم كافة المخاطر والتحديات والأطماع التي تمر بها المنطقة.
إننا في هذه المناسبة العزيزة لا نملك إلا أن نهنئ مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين، وندعو لهما بالعون والتمكين على جهود البناء والتنمية المنافسة عالمياً، وتتجه في نفس الوقت بكل ثقة نحو مستقبل تلوح آفاقه المشرقة لنا وللأجيال القادمة بإذن الله.
* مدير مركز بحوث التأسيس والتاريخ الوطني – جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية