المُعلّم صانع الأمل | صحيفة الوطن

مع بداية كل عام دراسي، يعود الطلاب إلى مقاعد الدراسة وتلتقي في البيئة المدرسية شخصيات متنوعة فمنهم القوي والواثق والموهوب، ومنهم الخجول والغير الواثق من نفسه، هذا التنوّع قد يكون سبباً في ظهور تصرّفات مؤذية مثل التنمر، حين يستغل بعض الطلاب اختلاف زملائهم ويوجّهون إليهم كلمات جارحة مثل:حقيبتك قديمة جداً!، أنت سمين كالفيل!، من أين اشتريتِ هذا الحذاء!
هذه ليست مجرد كلمات عابرة، بل واقع يعيشه كثير من الطلاب يومياً داخل المدرسة. بعيدون عن بيتهم حيث الدعم الأسري، محاطون بأقران يُوجهون لهم الإهانة والتنمر، ولا يعرفون كيف يتعاملون معهم. بل إن كثيرًا منهم يفضّلون عدم الذهاب إلى المدرسة، ويخشون البوح بما في صدورهم، خوفاً من أن يُوصفوا بالجبن، مما يتركهم وحيدون أمام معاناتهم. هذا يثير سؤالاً ملحاً:
ما الحل؟ هل هناك من يستطيع حمايتهم؟ هل ثمة دور للمعلم في اكتشاف ألمهم قبل أن يتفاقم؟
وهنا يبرز دور المعلم في حماية الطلاب واكتشاف تعرّضهم للتنمّر قبل أن يتفاقم. كما حدث مع يوسف، الطالب الهادئ الذي تعرّض للتنمّر بسبب جسمه النحيف، ونعومة صوته، فبدأ ينعزل ويكره المدرسة. لكن الأستاذ فهد لاحظ تغيره، وتحدّث معه، ثم دعمه عبر مسابقة فنية أظهر فيها يوسف موهبته، مما غيّر نظرة زملائه له تماماً.
بفضل هذا الدعم، استعاد يوسف ثقته بنفسه، وحقق نجاحاً، بل قال لاحقاً:«لو لم يتحدث معي الأستاذ فهد، ويكتشف موهبتي ذلك اليوم.. لكنت اليوم شخصاً آخر».
يلعب المعلم دوراً إنسانياً محورياً في دعم طلابه وإحاطتهم بالمحبة والاهتمام، مما يسهم في خلق بيئة آمنة. ويتجلى هذا الدور في حرصه على تعزيز قيم الاحترام المتبادل بين الطلبة، وترسيخ ثقافة خالية من التنمر، وذلك من خلال: وضع ضوابط واضحة داخل الصف تُؤكد على أهمية الاحترام، وتُرفض فيها السخرية.
كذلك للمعلم دور في أن يكون أكثر وعياً في رصد مؤشرات التنمّر من خلال ملاحظته لسلوكيات الطلبة، سواء من يُظهر سلوكاً عدوانياً، أو من يبدو عليه الانطواء والخجل والخوف، ما قد يجعله عرضة للتنمّر. ومن المهم عدم تجاهل هذه الإشارات، بل المبادرة بالتعامل معها، بهدف إيجاد حلول تشاركية بالتعاون مع أولياء الأمور وإدارة المدرسة.
ختاماً، يبقى المعلّم صانع الأمل وباني الأجيال، يمتلك القدرة على حماية طلابه واحتوائهم ومنحهم المحبة والدعم. فدوره لا يقتصر على نقل المعرفة فحسب، بل يمتد ليشمل غرس قيم السلام، وتعزيز شعور الأمان في البيئة الصفية.