اخبار عربية ودولية

«القبة الحرارية» تضع البحرين بمواجهة صيف لاهب.. وعين الجميع على «سهيل»



سيد حسين القصاب

* القبة الحرارية تحبس الهواء الساخن وتضاعف الإحساس بالحرارة* يوليو 2024 سجل أعلى متوسط حرارة يومي في البحرين منذ 1902* نجم سهيل يطل على البحرين 24 أغسطس وبداية اعتدال الأجواء تدريجياً* الخريف الفلكي يبدأ 22 سبتمبر.. وانخفاض الحرارة ْ0.1 يومياً* النهار يتساوى مع الليل أواخر سبتمبر في البحرين

تشهد مملكة البحرين خلال الأيام الخمسة المقبلة أجواءً شديدة الحرارة والرطوبة، حيث تصل درجات الحرارة العظمى إلى 45 درجة مئوية، مع رطوبة نسبية تبلغ 90%، وسط تأثيرات لظاهرة القبة الحرارية التي تحبس الهواء الساخن وتضاعف الإحساس بالحرارة. هذه الموجة الحارة تأتي في سياق ارتفاعات قياسية شهدتها المنطقة، إذ تجاوزت الحرارة في بعض دول الخليج 50 درجة مئوية، وفي إيران حاجز 52° لأول مرة، فيما سجل يوليو 2024 أعلى متوسط حرارة يومي في البحرين منذ بدء السجلات عام 1902.

وفلكياً، يترقب الباحثون ظهور نجم سهيل في سماء البحرين فجر 24 أغسطس، إيذاناً ببداية اعتدال تدريجي للأجواء، على أن يبدأ الخريف الفلكي في 22 سبتمبر، حيث تنخفض الحرارة بمعدل 0.1 درجة يومياً، ويتساوى طول الليل والنهار في أواخر الشهر نفسه، في دورة سنوية ترتبط بحركة الأرض حول الشمس وميل محورها.

وتتميز البحرين بموقعها الجغرافي الفريد في قلب الخليج العربي، حيث تحيط بها المياه من جميع الجهات، ما يمنحها طابعاً مناخياً بحرياً حاراً ورطباً في فصل الصيف، وذلك بسبب وقوعها على خط عرض منخفض نسبي في النصف الشمالي من الكرة الأرضية. وتتأثر المملكة بكتل هوائية حارة قادمة من شبه الجزيرة العربية، والتي تحمل درجات حرارة مرتفعة وجواً جاف، إلا أن وجود البحر المحيط يضيف نسبة عالية من الرطوبة، خصوصاً في أشهر الصيف الممتدة من يونيو حتى سبتمبر.

وتبلغ ذروة الحرارة عادة في شهري يوليو وأغسطس، حيث تسهم قلة السحب وشدة الإشعاع الشمسي وطول ساعات النهار في رفع درجات الحرارة إلى مستويات قياسية، مع ازدياد الإحساس بالحرارة بفعل الرطوبة المرتفعة.

القبة الحرارية

القبة الحرارية هي ظاهرة جوية تحدث عندما يتشكل مرتفع جوي قوي في طبقات الجو العليا، فيعمل كغطاء يحبس الهواء الساخن فوق منطقة معينة لفترة طويلة، ما يمنع دخول الهواء البارد وتجدد الكتل الهوائية. ومع استمرار سطوع الشمس، ترتفع درجات الحرارة تدريجيًا إلى مستويات قياسية، وقد تصاحبها رطوبة عالية تزيد الإحساس بالحرارة، مما يشكل مخاطر صحية كضربة الشمس والجفاف، إضافة إلى تأثيرات بيئية مثل جفاف التربة وزيادة احتمالية الحرائق.

وأعلنت عدة دول مجاورة عن تأثرها بظاهرة القبة الحرارية خلال الأشهر الماضية، حيث سجلت ارتفاعات غير مسبوقة في درجات الحرارة وصلت إلى مستويات قياسية.

ففي مايو 2025، شملت الظاهرة مصر والأردن وفلسطين وسوريا ولبنان والسعودية والكويت والعراق، مع توقعات بتجاوز الحرارة 40 درجة مئوية في عدد من العواصم، فيما شهد شهر يونيو تحذيرات من اشتداد الموجة لتقترب من 50 درجة مئوية في جنوب العراق وجنوب الكويت وشمال شرق السعودية، كما طالت الإمارات وسلطنة عمان. وفي إيران، أصدرت السلطات تحذيراً نادراً بعد تجاوز الحرارة حاجز 52 درجة مئوية في بعض المناطق، وسط مخاوف من تداعيات صحية وبيئية واسعة النطاق.

أرقام الأرصاد الجوية

وبحسب النشرة الصادرة عن إدارة الأرصاد الجوية بوزارة المواصلات والاتصالات بتاريخ 13 أغسطس 2025، فإنه يوم الأربعاء كان الطقس حاراً ورطباً نسبياً خلال الليل، ووصلت درجة الحرارة العظمى إلى 45 درجة مئوية، مع رطوبة نسبية عظمى تبلغ 75%. أما الخميس 14 أغسطس، يستمر الطقس الحار والرطب ليلاً، وتبقى الحرارة عند 45 درجة مئوية، بينما ترتفع الرطوبة العظمى إلى 85%.

وفي الجمعة 15 أغسطس، يسود طقس حار ورطب مع بعض السحب، حيث تنخفض الحرارة العظمى قليلاً إلى 43 درجة مئوية، فيما تسجل الرطوبة العظمى 90%. أما السبت 16 أغسطس، فيتواصل الطقس الحار والرطب مع بعض السحب، وتصل الحرارة العظمى إلى 42 درجة مئوية، مع استمرار الرطوبة العظمى عند 90%. وفي الأحد 17 أغسطس، تختتم المملكة الأسبوع بأجواء حارة ورطبة مشابهة، حيث تبلغ الحرارة العظمى 43 درجة مئوية، وتظل الرطوبة العظمى عند 90%.

وعند النظر إلى الجانب التاريخي والمقارنات المناخية، فإن البحرين تُعرف بدرجات حرارتها المرتفعة في ذروة الصيف، إلا أن السنوات الأخيرة شهدت تسجيل معدلات قياسية غير مسبوقة، ففي يوليو 2024، سجلت المملكة أعلى متوسط يومي شهري لدرجة الحرارة منذ عام 1902، حيث بلغ 37.4 درجة مئوية، أي أعلى بمقدار 2.3 درجة عن المتوسط طويل الأمد، محطمة الرقم القياسي السابق البالغ 36.9 درجة مئوية والمسجل في عامي 2017 و2020. أما في أغسطس 2022، فقد بلغ متوسط حرارة الشهر 36.3 درجة مئوية، وهو خامس أعلى متوسط لأغسطس منذ بدء التسجيلات، مع تسجيل 43.7 درجة مئوية في 15 أغسطس بمطار البحرين الدولي، بينما تبقى أعلى حرارة مسجلة في أغسطس عند 45.7 درجة مئوية في عام 1993. كما شهدت المملكة في يوليو 2025 معدل حرارة شهري بلغ 36.1 درجة مئوية، وهو السادس الأعلى منذ بدء السجلات.

الجانب الفلكي

ومن جانب فلكي، ذكر الباحث الفلكي علي الحجري لـ”الوطن” بأن ستتم ملاحظة اعتدال الجو تدريجياً وبشكل بطيء ليلاً بعد أن يظهر نجم سهيل في أفق البحرين قبل شروق الشمس في الأحد والموافق 24 من شهر أغسطس الجاري وهو على ارتفاع قرابة 4 درجات، حيث تعتبر هذه الفترة من السنة فاتحة خير لبداية اعتدال الجو قبل حلول فصل الخريف فلكيا في 22 من شهر سبتمبر القادم في تمام الساعة “09:19” مساء والذي سيمتد بطولة لـ 89 يوما و20 ساعة و43 دقيقة، وأن ملامح الخريف لا تظهر بشكل واضح في البحرين، رغم التغيرات الطفيفة في درجات الحرارة، والتي تبدأ بالتغير ليلاً ثم نهاراً، وهذه العملية تحتاج إلى عدة أشهر لتكون بشكل ملموس وواضح.

ونبه إلى أن التغيرات الجوية غير مرتبطة بظهور نجوم السماء كما يعتقد البعض لبعدها الكبير عن الأرض، وإنما تم ربط ظهور النجوم في السماء تزامنا مع تغيرات المصاحبة لفصول السنة، وخصوصاً للمهن الحرفية مثل الزراعة والصيد ورحلات البحث والسفر وانتشار الأمراض الموسمية وهجرة الطيور، والتي تعتمد على ميلان الأرض في أثناء دورانها حول الشمس.

وبين الحجري بأن ارتفاع الشمس وقت الزوال مع ظهور نجم سهيل في 24 من شهر أغسطس من كل عام يكون على 74 درجة و42 دقيقة، وتبدأ بالانخفاض التدريجي أكثر مع دخول شهر سبتمبر من كل عام، ومع اقتراب حلول الاعتدال الخريفي الناتج من ميلان محور الأرض، ليكون ما بين 71 درجة و53 دقيقة في مطلع الشهر القادم إلى 60 درجة و48 دقيقة في آخره، لينعكس ذلك على درجات الحرارة طوال شهر سبتمبر، وتتواصل بالانخفاض تدريجيا بمعدل يقارب (0.1 درجة مئوية لكل يوم) لتنخفض درجات الحرارة الصغرى من 30 درجة في مطلع الشهر إلى 27 درجة في آخر الشهر ليلاً تقريباً، وتنخفض درجات الحرارة العظمى بالمعدل نفسه، وتكون ما بين 38 درجة إلى 35 درجة تقريباً مع ارتفاع الرطوبة، ويكون الإحساس بدرجات البرودة نسبياً ليلاً في أواخر شهر أكتوبر القادم مع استمرار الحرارة نهاراً، ويبرد الجو نهارا مع نهاية شهر نوفمبر القادم من كل عام.

وذكر أن فترة النهار قد نقصت تدريجياً من بعد حلول فصل الصيف فلكياً في 20 من شهر يونيو الماضي، لتتساوى فترة الليل والنهار بعد الانقلاب الصيفي بـ 99 يوماً في البحرين بتاريخ 27 و28 سبتمبر القادم، وليس يوم الاعتدال، أي بعد حلول فصل الخريف فلكياً، بسبب اتجاه ميلان الأرض بالنسبة إلى الشمس تصاعدياً لفصل الشتاء.

وختم الحجري بأن نجم سهيل من النجوم الجنوبية للكرة الأرضية أي إنه لا يرى من بعد خط عرض 37 درجة و17 دقيقة شمالاً وهو تحت الأفق دائماً، بينما يشرق ويغرب سهيل ما بين خط عرض أقل من 37 درجة و17 دقيقة شمالاً إلى 37 درجة و17 دقيقة جنوباً، ولا يغيب عن الأفق كلما انتقلنا إلى الجنوب وصولاً إلى القطب الجنوبي للكرة الأرضية، لذلك لكل خط عرض للكرة الأرضية يرصد سهيل على أقصى ارتفاع مختلف في السماء ولفترات ظهور متفاوتة من السنة، ويكون أقصى ارتفاع له لأفق البحرين على 11 درجة و8 دقائق.

توصيات طبية

أما من جانب صحي، قدّمت استشارية الصحة العامة ورئيسة جمعية أصدقاء الصحة د. كوثر العيد، مجموعة من النصائح الصحية للتعامل مع موجات الحرارة والرطوبة المرتفعة جداً، مؤكدة أن هذه الظروف المناخية تزداد خطورتها على كبار السن، الأطفال، مرضى القلب والسكري، والعاملين في الهواء الطلق.

وأوضحت أنه مع ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة إلى مستويات قياسية، تزداد مخاطر الإصابة بالإجهاد الحراري وضربة الشمس والجفاف، خاصة في مناطقنا التي تشهد صيفاً شديداً ولا سيما البحرين، مبينة أن هذه الظروف المناخية قد تؤثر على صحة الجميع، ولكنها تشكل خطورة أكبر على كبار السن، الأطفال، مرضى القلب، مرضى السكري، والأشخاص الذين يعملون أو يمارسون أنشطة في الهواء الطلق.

وأكدت د. كوثر على شرب الماء بانتظام طوال اليوم، حتى لو لم تشعر بالعطش، إذ إن العطش قد يكون مؤشراً متأخراً للجفاف، حيث يوصى بتجنب المشروبات الغازية والمشروبات التي تحتوي على الكافيين أو السكر بكميات كبيرة، لأنها قد تزيد من فقدان السوائل. وبينت أن أشعة الشمس تكون أكثر شدة بين الساعة 10 صباحاً و4 مساءً، ناصحة الجميع البقاء في الظل، أو في أماكن مكيفة خلال هذه الفترة، وقالت: “إن اضطررت للخروج، ارتدِ قبعة عريضة الحواف ونظارات شمسية، واستخدم واقياً شمسياً بعامل حماية لا يقل عن 30، مع إعادة وضعه كل ساعتين، وارتدِ ملابس خفيفة، فضفاضة، وفاتحة اللون، لأنها تساعد على عكس أشعة الشمس، وتسمح بتهوية الجسم.

أما بالنسبة إلى ممارسة التمارين، فنصحت د. بممارسة الرياضة في الصباح الباكر، أو بعد غروب الشمس، مع أخذ فترات راحة متكررة في الظل أو أماكن باردة. وأشارت إلى أهمية إغلاق الستائر أو النوافذ خلال النهار لمنع دخول الحرارة والغبار، واستخدام المراوح أو أجهزة التكييف، لافتة إلى أنه عند استخدام المراوح، يجب التأكد من أنها تساهم في تبريد الجو، وليس فقط في تحريك الهواء الساخن.

وأوضحت أن علامات الجفاف هي العطش الشديد، جفاف الفم، قلة التبول أو تغير لونه إلى الغامق، والدوخة. أما علامات الإجهاد الحراري أو ضربة الشمس، فتشمل صداعاً شديداً، ارتفاع درجة حرارة الجسم، احمرار الجلد وجفافه، الغثيان، تسرع ضربات القلب، وتشوش الوعي، مشددة على أنه عند ظهور هذه الأعراض، يجب نقل الشخص فوراً إلى مكان بارد، وتبريده بالماء، وطلب المساعدة الطبية.

وأكدت د. كوثر على أهمية مراقبة الأطفال وكبار السن وذوي الأمراض المزمنة، فهم قد لا يشعرون أو لا يعبرون عن العطش بالقدر الكافي، مبينة أهمية التأكد من أنهم يشربون كميات مناسبة من الماء، ويقضون وقتهم في أماكن باردة. وفي ما يتعلق بالطعام، ذكرت أن ارتفاع الحرارة والرطوبة يزيد سرعة فساد الأطعمة، ما قد يسبب التسمم الغذائي، مبينة أنه من المهم الحرص على حفظ الأطعمة القابلة للتلف في الثلاجة، وتجنب تركها مكشوفة، أو في درجة حرارة الغرفة لفترات طويلة.

وتؤكد هذه التوصيات أهمية التزام أفراد المجتمع بالإجراءات الوقائية، خصوصاً في ظل المؤشرات التي تفيد باستمرار الموجة الحارة والرطوبة العالية خلال الفترة القادمة، للحفاظ على الصحة العامة وتجنب المضاعفات الناتجة عن الإجهاد الحراري.



Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى