الذهب يتجاوز 3800 دولاراً للأونصة وعيار 21 يصل 40.83 ديناراً لأول مرة في التاريخ

ارتفعت أسعار الذهب اليوم الاثنين متجاوزة عتبة 3800 دولار للأونصة للمرة الأولى، بدعم من تراجع الدولار وزيادة التوقعات بخفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لأسعار الفائدة خلال العام الجاري.
وبحلول الساعة 6:30 بتوقيت غرينتش، صعد الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 0.9% إلى 3814.91 دولار للأونصة، بينما ارتفعت العقود الأمريكية الآجلة تسليم ديسمبر/كانون الأول 0.8% لتسجل 3844 دولارًا، وفق وكالة “رويترز”.
وقد شهد سوق الذهب في عام 2025 زخماً استثنائياً، حيث تجاوزت الأسعار حاجز 3,000 دولار للأونصة مطلع العام، واستمرت في الارتفاع بثبات. ويعكس ذلك الدور التاريخي للذهب كملاذ آمن وأداة تحوّط ضد التضخم في ظل الاضطرابات الاقتصادية العالمية.
العوامل الرئيسة وراء الارتفاع
عدة عوامل مترابطة قادت هذا الاتجاه الصعودي:
-
برامج شراء الذهب من البنوك المركزية، خصوصاً في آسيا والشرق الأوسط.
-
التوترات الجيوسياسية التي زادت من الطلب على الأصول الملموسة.
-
استمرار الضغوط التضخمية رغم تدخلات البنوك المركزية.
-
القيود على الإنتاج والتراجع في احتياطات التعدين.
-
تقلبات العملات التي عززت الطلب على أصول غير مرتبطة بالأسواق التقليدية.
تأثير الدولار والتضخم الأمريكي
انخفض مؤشر الدولار 0.2% مقابل سلة عملات منافسة، مما جعل الذهب المقوّم بالدولار أقل تكلفة على المشترين من حاملي العملات الأخرى.وأظهرت بيانات وزارة التجارة الأمريكية أن مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي ارتفع 0.3% في أغسطس/آب، بعد زيادة 0.2% في يوليو/تموز، بما يتوافق مع توقعات الاقتصاديين.
توقعات المؤسسات المالية الكبرى
تُظهر توقعات البنوك العالمية ميلاً واضحاً للصعود:
-
غولدمان ساكس: 3,700 دولار بنهاية 2025 وأكثر من 4,000 في 2026.
-
جي بي مورغان: 3,675 دولار في 2025.
-
بنك أوف أمريكا وسوسيتيه جنرال: 3,500 دولار.
-
بنك OCBC: الأكثر تفاؤلاً بـ3,900 دولار.
أما على المدى الطويل (2027–2030)، فتشير التوقعات إلى إمكانية وصول الأسعار إلى 5,000–7,000 دولار للأونصة في ظل ظروف اقتصادية محددة.
الذهب كملاذ آمن
عادة ما يميل الذهب، الذي لا يدرّ عائدًا، إلى الارتفاع عندما تكون الفائدة منخفضة وفي فترات عدم اليقين الاقتصادي والجيوسياسي.
أثبت الذهب قدرته على الصمود في فترات التضخم والانكماش وأزمات العملات والانهيارات المالية. لذلك يوصف بأنه “أداة تحوّط شاملة”، وليس مجرد وسيلة للتحوّط ضد التضخم فقط.وقد انعكس ذلك أيضًا في تعاملات أسواق الأسهم الآسيوية التي بدأت اليوم بحذر، وسط مخاوف من احتمال الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة.
موجة شراء البنوك المركزية
منذ 2010، تحولت البنوك المركزية من بائع صافٍ إلى مشترٍ نشط للذهب، لتشكّل اليوم نحو 25% من الطلب العالمي. وتتصدر روسيا، الصين، الهند، وتركيا هذا الاتجاه بهدف تنويع الاحتياطات وتقليل الاعتماد على الدولار والتحوّط ضد العقوبات والتضخم.
قيود العرض وتوسع الطلب
الإنتاج العالمي للذهب ظل مستقراً عند نحو 4,000 طن متري سنوياً منذ ست سنوات، بسبب تحديات بيئية وتراجع جودة الخام وصعوبات الاستكشاف. في المقابل، بقي الطلب قوياً في قطاعات الاستثمار، والمجوهرات، والاستخدامات الصناعية، إضافةً إلى المشتريات الكبيرة من البنوك المركزية.
أداء الفضة في 2025
رغم هيمنة الذهب على العناوين، فقد تفوقت الفضة عليه بنحو 10% هذا العام، مدفوعةً بارتفاع الطلب الصناعي في مجالات الطاقة المتجددة والإلكترونيات والطب. ورغم تقلبها العالي، تبقى الفضة خياراً جذاباً للمستثمرين.
العوامل الجيوسياسية والتحولات النقدية
النزاعات الإقليمية والمنافسات بين القوى الكبرى وتوترات التجارة دفعت المستثمرين نحو الذهب. في الوقت ذاته، تتسارع مبادرات إزالة الاعتماد على الدولار، وتوسع تحالف “بريكس”، وتجارب العملات الرقمية للبنوك المركزية، ما يعزز مكانة الذهب في النظام المالي العالمي.
المؤشرات الفنية تدعم الاتجاه الصعودي
التحليل الفني يظهر أن الذهب اخترق مقاومات تاريخية بعد عقد من التماسك، مع مؤشرات زخم قوية ودعم مستمر من حجم التداول. كما أن معنويات السوق لم تصل بعد إلى ذروة التفاؤل، ما يعني أن المجال لا يزال مفتوحاً لمزيد من المكاسب.
أسعار الفائدة ومصداقية البنوك المركزية
التوقعات بخفض أسعار الفائدة في أواخر 2025 وبداية 2026 تصب في صالح الذهب، إذ تقلل تكلفة الاحتفاظ به. كما أن فقدان الثقة بقدرة البنوك المركزية على السيطرة على التضخم يعزز من جاذبيته.
خيارات الاستثمار في الذهب
تتنوع بين:
-
الملكية المادية (عملات ذهبية، سبائك، خزائن مخصصة).
-
الأدوات المالية مثل الصناديق المتداولة، أسهم شركات التعدين، أو العقود الآجلة.
الخلاصة: مستقبل الذهب
كل المؤشرات تؤكد أن الذهب في مسار صاعد مستدام. ومع استمرار شراء البنوك المركزية، وتراجع العرض، وتصاعد التوترات الجيوسياسية، فإنه مرشح لتحقيق مزيد من الارتفاعات حتى ما بعد 2025. ويُجمع المحللون على أن السوق لا يزال في مرحلة صعود هيكلي طويلة الأمد.