الإعلام الرقمي والذكاء الاصطناعي.. شراكة تصنع المستقبل

يشهد عالمنا اليوم ثورة إعلامية غير مسبوقة، حيث انتقلنا من الورق إلى الشاشات، ومن الأخبار المحدودة إلى تدفق المعلومات بلا توقف. وفي قلب هذا التحول، برز الذكاء الاصطناعي كأداة استثنائية يمكن أن تعيد تشكيل ملامح الإعلام الرقمي. قد يراه البعض سلاحاً ذا حدين، لكن النظرة الإيجابية إليه تكشف عن فرصة ذهبية لتطوير مهاراتنا، وتوسيع آفاقنا، وتعزيز دورنا في خدمة المجتمع.
الإعلام الرقمي لم يعد مجرد منصة لنقل الخبر، بل أصبح بيئة تفاعلية تمنح المستخدم دور المشارك وصانع المحتوى. ومع دخول الذكاء الاصطناعي، اتسعت الإمكانيات، فأصبح بإمكاننا تحليل البيانات الضخمة، ومعرفة اهتمامات الجمهور، وصناعة محتوى مخصص يلبي احتياجاتهم. هذه التقنيات توفر وقتاً وجهداً، وتفتح أمام الإعلامي آفاقاً جديدة للابتكار.
لكن، وكما أن لكل تقدم تحدياته، فإن الذكاء الاصطناعي يحمل مخاطر، منها انتشار الأخبار المضللة وتقنيات التزييف العميق. هنا يبرز دور الإعلامي كحارس للصدق، لا يكتفي باستخدام الأدوات الحديثة، بل يضيف إليها بصمته الإنسانية، ويضمن أن تكون الحقيقة أساس العمل الإعلامي.
إن النظر إلى الذكاء الاصطناعي كشريك يعني توظيفه لتعزيز رسالتنا، لا ليستبدلنا. يمكننا أن نستعين به لترجمة المحتوى والوصول إلى جماهير جديدة، أو لتحرير المواد المرئية والصوتية بجودة أعلى. لكن يبقى العنصر البشري هو القلب النابض الذي يمنح العمل الإعلامي قيمته، ويحدد اتجاهه.
الذكاء الاصطناعي ليس نهاية الدور الإنساني في الإعلام، بل فرصة لتقويته. والتاريخ أثبت أن من يحسن استثمار التكنولوجيا، يحسن صياغة المستقبل. إذا اخترنا أن نستخدم هذه التقنيات بعقل واعٍ وقلب ملتزم بالقيم، فسنحوّلها إلى أداة نور، لا مصدر تشويش. وفي النهاية، يظل الاختيار بأيدينا.. إما أن نصنع بها إعلاماً يثري العقول والقلوب، أو نتركها تسلب رسالتنا معناها.