اخبار عربية ودولية

اعترافات روبوت | صحيفة الوطن



بين الفترة والأخرى أقرأ مقالات من متخصصين في أنظمة المعلومات، تتعلق بالذكاء الاصطناعي واستخداماته، وفي كل مرة يأتي تأكيد من المختصين، يبين أنه لغاية الآن أكثر مستخدمي الذكاء الاصطناعي، والذين يرهقون عمليات التشغيل – وهي مكلفة – يستخدمون الذكاء الاصطناعي للتسلية، أو ليحصلوا على إجابات بديهية، ومع ثورة التحول الرقمي التي نعيشها، ومع ما نشاهده من سلوكيات البشر في التعامل مع الذكاء الاصطناعي، لا سيما الجزء المتفاعل منه مع عامة الناس، وهي منصات وروبوتات المحادثة، مثل «تشات جي بي تي»، و«ديب سيك»، و«مانوس»، وغيرها يتضح أن أكثرنا، لا يحتاج إلى الذكاء الاصطناعي كمساعد عمل، بقدر حاجتهم لصديق يستخدمونه كمعالج نفسي، وحاوية لتعبئة أسرارهم، بل وحتى لاستقبال تفاهاتهم التي لا يستطيعون البوح بها أمام البشر، هذا بالإضافة إلى عدد غير قليل لديه الرغبة في التعامل مع الآخرين بأسوأ الكلمات التي يخجل من ذكرها أمام البشر، وعلى هذا الأساس كثير من الناس يستدعون هذه الروبوتات من غياهب الخوارزميات ليجروا حوارات معهم.وأنا أعد هذا المقال فكرت في سؤال هذه الروبوتات عن أنواع الأسئلة التي يتعرضون لها، فحصلت على «اعترافات» مسلية، فعلى سبيل المثال هناك من وجه السؤال الآتي: (ماذا لو كنت خياراً، هل ستقشر نفسك؟!) ففكرت أن سؤالاً مثل هذا لا يمكن لبشر ابتلاعه، وسؤال آخر وجه لـ«تشات جي بي تي»، يقول صاحبه: (إذا أكلت نفسي، هل سأختفي أم سأتكاثر) وينتظر من الروبوت إجابة، وهذا سؤال وجودي لم يخطر ببال شخص في زمن الترف الفكري، ولو قدم لأرسطو وسقراط وأفلاطون لما حصلنا على إجابة، أما أحد العباقرة، فوجه سؤالاً يقول فيه لتشات جي بي تي: (هل أستطيع تحميلك على بطاقة ذاكرة)، أما المراهقين فلديهم تطلعات مختلفة، فأحدهم يطلب من «تشات جي بي تي» اختراق حساب الفيس بوك الخاص بحبيبته، يبدو أنه يشعر بالخيانة، ويطلب من الروبوتات مساعدته، ناهيك عن تلك التي تفتح الكاميرا خلال المحادثة لتقول: (تشات جي بي تي، هل أبدو سمينة).أما أجهزة المساعدة الذكية للمنازل والمنصات المرتبطة بها مثل ألكسا وغيرها، فهذه ليست أفضل حالاً من منصات المحادثة، فهي الأخرى تتلقى أوامر من نوع، (شغل صوت دولفين حزين لمدة نصف ساعة)، و(اذكر نكتة لولدي الصغير قبل النوم) مع أنه اقتنى الجهاز والنظام المشغل له ليكون مساعداً منزلياً، وليس مهرجاً في سيرك.يفترض من الذكاء الاصطناعي مساعدتنا على أداء الأعمال، والمهام، لكننا نطلب منه أكثر من ذلك، نريد منه أن يتحملنا ويصبر علينا، ويتحمل نقاشاتنا الوجودية، مع أنه في النهاية آلة وأداة طورها الإنسان، فهي ليست ضرباً من السحر، ولا نحن في زمن المعجزات، لذلك من الجيد أن نستخدم هذه الأدوات في الأغراض التي أنشئت من أجلها، وألا نسألها عن طموحات القطط السياسية في السيطرة على العالم، أو سؤال من نوع (كيف أصبح مليونيراً بدون فعل أي شيء)!* عميد كلية القانون – الجامعة الخليجية



Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى